بدعة جواز التعبد بجميع الأديان (9)

ساخت وبلاگ

بدعة جواز التعبد بجميع الأديان (9)

 

 

بدعة جواز التعبد بجميع الأديان (9)
القطع بالعقيدة الفاسدة لا يسوغ انتحالها
كثيرا ما يقع الاشتباه بين جواز التعبد بالديانات الفاسدة بسبب القطع بصحتها وبين إعذار أصحابها لكونهم قاصرين وعاجزين عن إدراك المعتقد الحق حيث الفرق الواضح بين تسويغ المعتقد الفاسد وبين عدم المؤاخذة عليه للعجز والقصور عن معرفة الحق بل الصحيح القول بأن هؤلاء مُرجون لأمر الله إن شاء رحمهم وإن شاء عذبهم كما ورد في النصوص الدينية حيث جاء في القرآن الكريم : [إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا][إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا][فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا]
وقوله تعالى : [وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ]
وروي في الأحاديث عن حمران قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستضعفين؟ قال : إنهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكافرين وهم المرجون لأمر الله.معاني الأخبار،باب:معنى المستضعف.
وعن أبي الصباح عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال في المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا : لا يستطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر ولم يهتدوا فيدخلوا في الإيمان فليس هم من الكفر والإيمان في شيء. معاني الأخبار،باب:معنى المستضعف.
وعن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : أتزوج بمرجئة أو حرورية ؟ قال : لا ، عليك بالبله من النساء ، قال زرارة : فقلت : والله ما هي إلا مؤمنة أو كافرة فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : وأين أهل ثنوى(1) الله عز وجل قول الله عز وجل أصدق من قولك:[إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا] الكافي،ج5،ص348.
ومما يدل على عدم تكليف القاصر قوله تعالى : [لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا] فالحكمة الإلهية لا تكلف الإنسان بغير المقدور والقاصر ليس بمقدوره ووسعه إصابة الحق.
إن الآيات والروايات المتقدمة تدل على وجود قسم آخر غير المؤمن والكافر وهو المستضعف الذي من أبرز مصاديقه القاصر عن الهداية وإن كان بعض المتكلمين يرى أنه لا واسطة بين الإيمان والكفر لأنهما كالعدم والملكة فالإنسان إما أن يكون بصيرا أو أعمي ولا ثالث لهما .
ولكن لا شأن لنا بالتنظيرات التي تأتي من سياقات الملكة والعدم ورجوماتها الغيبية التي تنفي وجود القسم الثالث بعد ما دلت عليه النصوص القرآنية والروائية والتي يكفي فيها خبر زرارة المتقدم الذي جاء فيه : ((وأين أهل ثنوى الله عز وجل))
وقد يُقال أن بعض الأحاديث تدل على عذاب الشاك والجاحد والكافر فكيف يمكن صرف العذاب عن القاصر ؟!
والجواب : أن هذه الأخبار لا شأن لها بالقاصر وإنما ناظرة للمقصر الذي كان بمقدوره معرفة الحق ولكنه أعرض وأصر على ما هو عليه والنتيجة أن الأحاديث التي تدل على العذاب ناظرة للمقصر والتي ترجئ أمره إلى الله عز وجل كالأحاديث المتقدمة ناظرة للقاصر.
وانطلاقا من النصوص المتقدمة جاءت كلمات الأعلام تبعا لها فمثلا يتحدث صاحب الحدائق عن الشيخ البهائي قائلا : طعن عليه بعض مشايخنا المعاصرين أيضاً بأن له بعض الاعتقادات الضعيفة كاعتقاد أن المكلف إذا بذل جهده في تحصيل الدليل فليس عليه شيء إذا كان مخطئاً في اعتقاده ولا يخلد في النار وإن كان بخلاف أهل الحق ، قال : ــ الذي طعن على الشيخ البهائي : وهو باطل قطعا لأنه على هذا يلزم أن يكون علماء أهل الضلال ورؤساء الكفار غير مخلدين في النار إذا أوصلتهم شبههم وأفكارهم الفاسدة إلى ذلك من غير اتباع لأهل الحق كأبي حنيفة وأحزابه ، وتحقيق البحث لا يليق بهذا المقام انتهى.
أقول وعندي فيه نظر إذ يمكن أن يقال : لا نسلم أن علماء الضلال قد بذلوا الجهد في طلب الحق ولم يقفوا عليه حتى يتم الإيراد بهم كما توهم.لؤلؤة البحرين،ص20.
وأكتفي بنقل كلمات العلماء في هذا المجال بما ذكره الشيخ الأنصاري (رحمه الله) إذ فيه البغية والمزيد حيث يقول : قد يقال فيه بعدم وجود العاجز، نظرا إلى العمومات الدالة على حصر الناس في المؤمن والكافر، مع ما دل على خلود الكافرين بأجمعهم في النار، بضميمة حكم العقل بقبح عقاب الجاهل القاصر ، فيكشف ذلك عن تقصير كل غير مؤمن، وأن من تراه قاصرا عاجزا عن العلم قد تمكن من تحصيل العلم بالحق ولو في زمان ما وإن صار عاجزا قبل ذلك أو بعده ، والعقل لا يقبح عقاب مثل هذا الشخص.ولهذا ادعى غير واحد في مسألة التخطئة والتصويب الإجماع على أن المخطئ في العقائد غير معذور.لكن الذي يقتضيه الإنصاف : شهادة الوجدان بقصور بعض المكلفين.وقد تقدم عن الكليني ما يشير إلى ذلك ، وسيجيء من الشيخ قدس سره في العدة من كون العاجز عن التحصيل بمنزلة البهائم . هذا مع ورود الأخبار المستفيضة بثبوت الواسطة بين المؤمن والكافر.وقضيه مناظرة (هو الخبر الذي ذكرته عن زرارة) زرارة وغيره مع الإمام (عليه السلام) في ذلك مذكورة في الكافي.فرائد الأصول،ص285.
وملخص ما تقدم بعبارة أخرى يكمن في نقطة واحدة وهي لا بد من التفريق بين المؤاخذة وعدمها على المعتقد الفاسد بسبب القصور وبين جوازه وتصحيحه بسبب القصور والقطع.
وبعبارة أكثر وضوحاً يوجد فرق بين العقاب على العقيدة الفاسدة قصورا ــ لعجزه عن معرفة الحق ــ وبين القول بجواز تبني ذلك المعتقد ومن ثم تصحيح أعماله وترتب الثواب عليها إذا القصور عن الحق والقطع به لا يسوغان الباطل ، ولم يقل به من له ذرة من العلم والعقل إلا من تأثر بشطحات الفلاسفة والصوفية كما تقدم الكلام في ذلك عند بيان معاني وحدة الوجود وأي منها يستلزم تصحيح العقائد والعبادات وذكرت حينها أشهر المسميات القائلة به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) أي استثناء [إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ]

 

 

الشیخ هشام كاظم

 

الموقع ا ...
ما را در سایت الموقع ا دنبال می کنید

برچسب : نویسنده : alawhamo بازدید : 127 تاريخ : جمعه 17 آبان 1398 ساعت: 6:21